nesma2515- نسمة توتر
- عدد الرسائل : 308
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 02/03/2009
من طرف nesma2515 19th مارس 2009, 4:52 am
لا أعلم بالضبط كيف اختار إحسان عبد القدوس عنوان روايته المشهورة «الوسادة الخالية».. فما أعرفه شخصياً أن وسادة أي انسان تعج ب(أمم لاتحصى) من الفطريات والميكروبات والأبواغ والحشرات المجهرية الغريبة.. وبدون مبالغة يمكن القول إن مخدتك المفضلة تضم نظاما بيئيا متكاملا وذاتي التغذية (بحيث يمكنها إنشاء منظمة خاصة للأمم المتحدة). ولو حصل ووجهت مجهرا صغيرا عليها لرأيت مخلوقات دقيقة تشبه العناكب، وحشرات مجهرية مغطاة بشعر أسود، وفطريات خضراء تملك فروعا وأقماعاً، وأبواغاً كروية صلبة تتراكم فوق بعضها كالجبال. (بل إن بعضها يغزو بعضا وتتكاثر أنواع منها بطريقة جنسية حقيقية - وكل هذا فيما يغط سيادتكم في نوم عميق) ورغم أن هذه المخلوقات لاترى بالعين المجردة إلا أنها قادرة على التسبب بأمراض حقيقية وحالات أزمة وحساسيات مزمنة.. وكما أنها صغيرة جدا - بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة - تعد أنت كبيرا جدا بالنسبة لها بحيث لاترى منك سوى جزء صغير من جانب وجهك. غير أن هذا الجزء - الذي ينطرح عليها كل ليلة - يمنحها مصدرا غذائيا غنيا يهبها الحياة والقدرة على الاستمرار ؛ فجلد الانسان يطرح بشكل دائم خلايا ميتة تعد مصدرا غنيا لهذه المخلوقات الدقيقة.. أما إفرازات العرق فتوفر لها رطوبة كافية وبيئة مناسبة للعيش والبقاء ومواصلة الحياة.. وغني عن القول إنه كلما زاد عمر (المخدة) تراكمت عليها بلايين الميكروبات الجديدة بحيث تصبح مشاهدة ومرئية (كبقع بنية أو خضراء). والأسوأ من هذا أنها تصبح غذاء سائغا لسوسة المنزل التي تراها كنقطة صغيرة سوداء تتبختر بين الفرش والأغطية وهذه الحقائق المدهشة أثبتتها دراسات كثيرة - كان آخرها ماتم في جامعة مانشستر البريطانية (ونشر في مجلة allergyفي عدد اكتوبر 2005). فتحت اشراف الدكتورة أشلي وودكوك درس فريق البحث عددا كبيرا من الوسادات (الخالية) تراوح زمن استعمالها بين عام وعشرين عاماً. وفي جميع العينات اكتشف آلاف الفطريات والميكروبات - وملايين الأبواغ المجهرية - تتزاحم في كل جرام من الحشوة المستعملة.. أما عن خطورة هذا الوضع فأشارت الدراسة الى أن تأثير الميكروبات يتفاوت بتفاوت قوة جهاز المناعة لدى البشر. غيرأنها حذرت من فطريات معينة (اسمها العلمي Aspergillus Fumigatus) يمكن أن تسبب أمراضا مزمنة ووفيات مفاجئة لكثير من الضعفاء والمرضى ... أيضا هناك دراسة مشابهة قام بها المعهد الأمريكي للصحة البيئية (NIEHS) اتضح من خلالها أن 22 مليون أمريكي يعانون من حساسيات مزمنة تسببها وسائد النوم. ونصح المعهد باتباع الإجراء الذي تتخذه المستشفيات وإلباس الوسائد أغطية بلاستيكية تحجز المخلوقات المؤذية وتسمح بتنظيفها بطريقة سهلة وفعالة. كما نبه الى أن كثيراً من حالات الانتكاس - التي يشهدها المرضى بعد عودتهم للمنزل - تعود الى احتكاكهم مجددا بفطريات وجراثيم لم تكن تؤثر بهم حين كانت مناعتهم أقوى ... بقي أن أشير الى أن الإنسان يعيش في عالم مليء بالميكروبات والفطريات والبيوض والحشرات المجهرية (التي تعيش على الفُرش والسجاد والمقاعد واللحف).. غير أننا لا نتأثر بمعظمها لأنها غير مؤذية - من جهة - ولأن جهازنا المناعي قادر على مكافحتها - من جهة أخرى. غير أن الوضع بالنسبة للوسائد يُعد استثنائيا وأكثر خطورة بسبب التصاقنا الدائم والمباشر بها - ناهيك عن قربها من المداخل الحيوية في الوجه والرأس - ... ومع هذا قد يتساءل أحدهم : ولكن ملايين الناس ينامون منذ أعوام على وسائد قديمة ومتسخة بدون مشاكل تذكر؟ ... ولكنه ينسى في المقابل أن ملايين الناس يصابون أيضا بالحساسية وأزمات التنفس - وقد يموت بعضهم - بلا سبب